تركيب الصوت والصورة.. كيف ساهم المونتاج في صناعة الأفلام؟
– الجزء الثاني..
– كيف تطور المونتاج؟
في الماضي كان محرر الفيلم (المونتير) يعمل على مادة واحدة فقط وهي الصورة، وذلك قبل ظهور تقنية الصوت، وكانت الأفلام لسنوات قريبة تصور على الفيلم الخام، وهو غالي الثمن نسبيًا.
أما اليوم فقد صار المونتاج عملية رقمية، ودخل عليها بالإضافة إلى الصوت والصورة، مراحل أخرى مثل الموسيقى والمؤثرات البصرية.
وفي الأفلام ضئيلة الميزانية يقوم محرر الفيلم بمسؤوليات التقنيين المختصين في هذه المجالات، وفي الأفلام الأخرى عالية الميزانية يشارك محرر الفيلم مع المنتج في وضع اللمسات بعد عمل مسؤولي الصوت والمؤثرات وغيرهم.
– تطوير صناعة الأفلام.
حتى نفهم أهمية المونتاج لصناعة السينما، يجب أن نعرف شكلها قبله، ففي بدايات السينما منذ العام 1895، كان يتم تصوير الفيلم كله دفعة واحدة، فقط توضع الكاميرا في المنتصف التي تصور الحدث، في ذلك الوقت لم تكن هناك قصة أو حبكة ولا مونتاج.
وكان الحدث يصور في الوقت ذاته الذي يحصل فيه، بمعنى لو كان هناك مشهد لكلب يجري وراء رجل حتى يصل الأخير إلى الباب، فقد كانت مدة اللقطة هي الوقت ذاته الذي يستغرقه جري الرجل حتى الباب، وليس كما يحدث الآن: لقطة للرجل يجري، ثم لقطة وهو يدلف للباب.
فهذه رفاهية لم تكن متاحة في ذلك الوقت، وبالتالي نستنتج أن من أهم مزايا المونتاج هي قدرته على التحكم في الفيلم، فهناك أحداث تأخذ في الحقيقة ساعات تظهر في دقائق على الشاشة، والعكس صحيح.
لكن بعد ثلاث سنوات فقط من بداية فن السينما، قام المخرج الإنجليزي روبرت دبليو بول بتقديم فيلم بعنوان “تعال.. افعل” (Come Along.. Do) الذي استخدم فيه المونتاج، ليفصل بين دخول بطل الفيلم حجرة والمشهد من داخل الحجرة، وساهم في ذلك تطور كاميرات التصوير.
وككرة الثلج التي يكبر حجمها في كل لحظة، بدأ المونتاج في التطور وتطوير السينما، فعلى يد المخرج الرائد جورج ميليه ظهرت المؤثرات البصرية لأول مرة بمساعدة المونتاج، مثل تصوير لقطة لسكين يهوى على رقبة رجل، ثم قطع التصوير، وتصوير مشهد لرأس مقطوع، مما يعطي انطباعاً بحدوث القتل.
وساهم المونتاج كذلك في تطور آخر في صناعة الأفلام وهو أحجام اللقطات، ففي بداية السينما كانت الأفلام تصور بالكامل بلقطة واسعة، تستعرض كل ما يحدث أمامها، ولكن المونتاج سمح للكاميرا واللقطة بالانتقال ليس فقط من مكان لآخر، بل من زاوية لأخرى، وأقرب وأبعد، وهنا بدأت الكاميرا في المساهمة بسرد القصص وليس فقط نقلها.
على سبيل المثال، لو أراد صانع العمل أن يجذب انتباه المشاهد لأداة الجريمة في جيب الجاني، يمكن ذلك بتقريب الكاميرا إلى الجيب، بعد لقطة واسعة للمشهد ككل، وبذلك وبصورة غير واعية يعلم المشاهد أن ذلك يعني شيئًا بالقصة التي يشاهدها.
ساهم المونتاج أيضا في إطالة الأفلام، فبعدما كانت مدة الفيلم دقائق، لا تزيد عن 12 أو 15 دقيقة، وهي عمر بكرة الفيلم الخام الواحدة، أصبح من الممكن صنع أفلام من بكرات متعددة يتم وصلها عن طريق المونتاج.